## بنوك بريطانيا الكبرى تحصد أرباحًا طائلة في عام 2024: تحليل معمق لتداعيات "الدخل الصافي من الفوائد" وتحديات التنظيم
في مشهد اقتصادي عالمي
يتسم بالتقلبات والتحديات المتزايدة، تتصدر الأخبار المتعلقة بالأداء المالي
للمؤسسات الكبرى عناوين الصحف، وتثير جدلاً واسعًا بين الخبراء والمحللين. وفي هذا
السياق، يبرز أداء بنوك بريطانيا الكبرى في عام 2024 كقصة تستحق الدراسة والتحليل،
لما تحمله من دلالات على مستقبل القطاع المصرفي، وتأثيره على الاقتصاد الوطني
والمستهلكين على حد سواء.
![]() |
## بنوك بريطانيا الكبرى تحصد أرباحًا طائلة في عام 2024: تحليل معمق لتداعيات "الدخل الصافي من الفوائد" وتحديات التنظيم |
فقد كشفت التقارير
الأخيرة عن تحقيق بنوك "لويدز" و"نايت ويست" و"باركليز"
مجتمعة أرباحًا بلغت 30 مليار جنيه إسترليني (37.2 مليار دولار) خلال العام
الماضي، وذلك بفضل استراتيجية تعتمد على استغلال الفجوة بين معدلات الفائدة
للمودعين والمقترضين. هذا الإنجاز المالي الكبير أثار تساؤلات حول مدى عدالة هذه
الأرباح، وتأثيرها على المواطنين الذين يعانون من ضغوط اقتصادية متزايدة.
**"الدخل الصافي من الفوائد" محرك الأرباح ومصدر الجدل**
يُعد "الدخل
الصافي من الفوائد" (Net Interest Income) المؤشر الأهم في قياس ربحية البنوك، فهو يمثل الفرق بين
الفوائد التي تجنيها البنوك على القروض والاستثمارات، والفوائد التي تدفعها على
الودائع والحسابات الجارية. وقد شهد هذا المؤشر ارتفاعًا ملحوظًا في بريطانيا خلال
الفترة الأخيرة، نتيجة لعدة عوامل، منها:
- * **ارتفاع أسعار الفائدة:** بعد سنوات من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، اضطر بنك إنجلترا إلى رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، مما أدى إلى زيادة تكلفة الاقتراض على الأفراد والشركات.
- * **تأخر رفع الفائدة على الودائع:** لم ترفع البنوك معدلات الفائدة على الودائع بنفس السرعة التي رفعت بها معدلات الفائدة على القروض، مما أدى إلى اتساع الفجوة بينهما، وزيادة أرباح البنوك.
- * **الاحتياطيات النقدية لدى بنك إنجلترا:** تستفيد البنوك من الأموال التي تحتفظ بها في بنك إنجلترا، حيث يدفع البنك المركزي فوائد على هذه الأموال، وهو ما يعتبره البعض دعمًا غير مباشر من دافعي الضرائب.
هذه العوامل مجتمعة أدت
إلى تحقيق البنوك لأرباح قياسية من "الدخل الصافي من الفوائد"، وهو ما
أثار انتقادات واسعة، حيث يرى البعض أن البنوك تستغل الظروف الاقتصادية الصعبة
لتحقيق مكاسب غير مبررة، على حساب المستهلكين والشركات الصغيرة.
**أداء متميز في سوق الأسهم**
لم تقتصر آثار هذه
الأرباح على البيانات المالية للبنوك، بل انعكست أيضًا على أدائها في سوق الأسهم. فقد
حققت البنوك البريطانية أداءً متميزًا في سوق الأسهم، متفوقة حتى على أسهم شركات
التكنولوجيا الأمريكية الشهيرة، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين في قوة ومتانة القطاع
المصرفي البريطاني.
**تحديات مستقبلية وتوقعات بانخفاض الأرباح**
على الرغم من الأداء
القوي في عام 2024، تواجه البنوك البريطانية تحديات مستقبلية قد تؤثر على أرباحها
في السنوات القادمة. فمن المتوقع أن ينخفض "الدخل الصافي من الفوائد" مع
انخفاض أسعار الفائدة، حيث قام بنك إنجلترا بالفعل بتخفيض سعر الفائدة الأساسي
للمرة الثالثة في ستة أشهر ليصل إلى 4.5 في المئة.
- إضافة إلى ذلك، تواجه البنوك ضغوطًا متزايدة
- لرفع معدلات الفائدة على الودائع
- وهو ما سيقلل من الفجوة بين معدلات الفائدة
- على القروض والودائع، ويؤدي إلى انخفاض الأرباح.
**مطالبات بفرض ضرائب على الأرباح**
في ظل هذه الظروف،
ارتفعت الأصوات المطالبة بفرض ضرائب على أرباح البنوك، بهدف تحسين المالية العامة،
وتخفيف العبء عن دافعي الضرائب. وقد دعا سياسيون من مختلف الأطياف، بمن فيهم زعيم
حزب "ريفورم" نايجل فاراج ورئيس الوزراء السابق غوردون براون، إلى فرض
ضريبة على مدفوعات الفائدة من البنوك، معتبرين أن هذه الأرباح غير مستحقة، ويجب أن
تستخدم لخدمة الصالح العام.
- إلا أن هذه المطالبات قوبلت بمعارضة من قبل وزيرة الخزانة
- ريتشل ريفيز، التي اعتبرت أن هذه الضريبة
- قد تعوق تأثير أسعار الفائدة في الاقتصاد الحقيقي
- وقد تؤدي إلى صراع مع محافظ بنك إنجلترا
- أندرو بيلي، الذي عبر عن معارضته بوضوح.
**تأثيرات محتملة على الأرباح**
تشير التوقعات إلى أن
بنكي "نات ويست" و"باركليز" سيعلنان عن زيادة طفيفة في صافي
دخل الفائدة هذا الأسبوع، في حين يتوقع أن ينخفض صافي دخل بنك "لويدز" بمقدار
مليار جنيه إسترليني، وهو ما يزال مرتفعًا بالمقاييس التاريخية.
- وستتأثر الأرباح أيضًا بعدما وضع بنك "لويدز
- 450 مليون جنيه إسترليني جانبًا لتغطية المدفوعات المحتملة
- من وحدته "بلاك هورس" بعد حكم صادر عن المحكمة العليا
- في شأن
عمولات تمويل السيارات.
**تداعيات أوسع على الاقتصاد والمستهلكين**
إن أداء البنوك الكبرى
في بريطانيا لا يقتصر تأثيره على أرقام الأرباح والبيانات المالية، بل يمتد ليشمل
الاقتصاد الوطني والمستهلكين على حد سواء. فالبنوك تلعب دورًا حيويًا في تمويل
الشركات والأفراد، وتوفير الخدمات المالية التي تدعم النمو الاقتصادي وتسهل الحياة
اليومية.
- لذلك، يجب على الحكومة والهيئات التنظيمية
- أن تضع سياسات تضمن تحقيق التوازن بين مصالح البنوك
- ومصالح المجتمع، وتشجع البنوك على المساهمة
- في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام
- وتوفير
الخدمات المالية بأسعار معقولة، ودعم الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.
**خلاصة**
إن تحقيق بنوك بريطانيا
الكبرى لأرباح قياسية في عام 2024 يمثل قصة معقدة، تتداخل فيها العوامل الاقتصادية
والسياسية والتنظيمية. هذه الأرباح، التي تحققت بفضل استراتيجية تعتمد على استغلال
الفجوة بين معدلات الفائدة، أثارت جدلاً واسعًا حول مدى عدالة هذه الأرباح، وتأثيرها
على المواطنين الذين يعانون من ضغوط اقتصادية متزايدة.
- وفي ظل التحديات المستقبلية التي تواجه البنوك
- والمطالبات بفرض ضرائب على الأرباح
- يجب على الحكومة والهيئات التنظيمية
- أن تضع سياسات تضمن تحقيق التوازن
- بين مصالح البنوك ومصالح المجتمع
- وتشجع البنوك على المساهمة
- في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام
- وتوفير الخدمات المالية بأسعار معقولة
- ودعم الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.
الختام
إن مستقبل القطاع
المصرفي في بريطانيا يعتمد على قدرة البنوك على التكيف مع الظروف المتغيرة، وتبني
استراتيجيات مستدامة، وتلبية احتياجات المجتمع، والمساهمة في تحقيق النمو
الاقتصادي الشامل والمستدام.